mardi 17 avril 2007

لا.. للهجمة البوليسية ضد الحركة العمالية المصرية

أصابت الإضرابات العمالية التي اندلعت قبل شهرين ولم تهدأ نظام مبارك بارتباك شديد، فها هم آلاف العمال يتحركون معلنين رفض سياسات الاستغلال والإفقار، في الوقت الذي تعمل فيه حكومة رجال الأعمال على قدم وساق على تمرير المرحلة الأخيرة والأخطر من عملية الخصخصة، التى ستؤدى إلى مزيد من ارتفاع الأسعار وزيادة معدلات البطالة بدرجات غير مسبوقة من جهة والى تزايد ثروات كبار رجال الأعمال الاحتكاريين من جهة أخرى .
اندلعت الاحتجاجات العمالية الأخيرة بعيداً عن التنظيم النقابي الرسمي بل وضده، بعد أقل من شهر من الانتخابات النقابية التي اتفق الجميع على أنها مرت بالتزوير، وبدا خلال الاحتجاجات أن هناك قادة حقيقيين للعمال يستطيعون قيادتهم على طريق مصالحهم التي هي تتعارض مع مصالح نظام رجال الأعمال.

لذلك تحركت دولة الاستبداد بعد أن نجحت فى تمرير فضيحة التعديلات الدستورية المعادية للحريات بكل قوتها لوأد حركة العمال والأصوات المدافعة عنها، وكانت دار الخدمات النقابية والعمالية أحد تلك الأصوات التي أدت دورها وواجبها في يد مد العون للعمال ضد بطش الدولة والإدارة، فقدمت كل وسائل الدعم القانوني والمعنوي والخبرة للعمال في احتجاجاتهم، لذلك كان طبيعياً أن يسعى نظام مبارك لعزل العمال عن كل مساعديها، فبدأت الهجمة الهمجية على دار الخدمات النقابية، وأسفرت عن غلق فرع الدار بمدينة نجع حمادي الشهر الماضي، ثم جاء الدور على فرع الدار في مدينة المحلة الكبرى الخميس الماضى ، وربما تكون خطة الحكومة القضاء على دار الخدمات النقابية لإسكات هذا الصوت العمالي للأبد.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل بات واضحا للمتابع عن كثب لحركة الاحتجاجات العمالية تزايد التدخلات الأمنية السافرة لإجهاض تحركات العمال انظر على سبيل المثال تصريحات وزيرة القوى العاملة الوقحة بإحالة ملف عمال أبو المكارم المضربين فى مدينة السادات إلى أجهزة الأمن للتعامل مع العمال المضربين.

وما تلى ذلك من تهديد عمال القاهرة للزيوت والصابون بالاعتقال إذا لم يوافقوا على بيع اراضى الشركة بأقل من سعرها الحقيقى ،ثم حصار تحركات عمال السكة الحديد أمس وممارسة ضغوط أمنية رهيبة على الأمين العام لرابطة سائقى السكة الحديد من أجل وقف إعلان قرار الإضراب .واليوم ..الأحد منعت قوات الأمن 100عامل من شركة المحلة من التوجه إلى مبنى الاتحاد العام للاعتصام به وحاصرت أتوبيسات العمال وسحبت الرخص من السائقين وهو ما أشاع جوا من السخط والتذمر داخل الشركة قد يؤدى إلى انفجار العمال خلال الساعات القليلة القادمة .هذا غير التنكيل بالنقابيين الشرفاء وفصلهم من عملهم لدفاعهم عن مصالح العمال كما وقع منذ أسبوعين مع النقابى أشرف عبد الونيس بشركة السكر بالفيوم .

إن الهجمة التى تتعرض لها دار الخدمات النقابية والحركة العمالية بصفة عامة تؤكد نية حكومة المستثمرين على إخماد المقاومة العمالية المتصاعدة بأى ثمن مستفيدة من دسترة الطوارئ وقمع الحريات الذى سيتم لأول مرة عبر الدستور لفتح الطريق أمام توريث الحكم لولى العهد .

ولكننا على ثقة إن كل هذه المحاولات ستبوء بالفشل فالجوع والحرمان والتعسف وغلاء الأسعار والقهر لن يجعل لعمال مصر وكادحيها مفرا من مواصلة النضال وهو ما يتطلب تضامن أوسع نطاق ممكن من القوى السياسية وفى مقدمتهم الاشتراكيين مع احتجاجات العمال ونضالهم. ولتكن معركة عمال المحلة ودار الخدمات معركتنا جميعاً ضد ممارسات الدولة البوليسية.
مركز الدراسات الاشتراكية - مصر

15-4-2007



كيف تساهم في دعم الحركة العمالية المصرية: إرسال العريضة بعد توقيعها إلى العناويين التالية :

وزارة القوى العاملة المصرية: egyptiansabroad@mome.gov.eg
وزارة الخارجية المصرية: info@mfa.gov.eg
مركز هشام مبارك للدفاع و اللجنة التنسيقية بين النقابات العمالية: hmlc@link.net
دار الخدمات النقابية و العمالية: ctuws@link.net

mardi 6 mars 2007

قضية الصحراء من وجهة نظر ماركسية

قضية الصحراء من وجهة نظر ماركسية
قراءة في الرسالة المفتوحة للنهج الديمقراطي



حسام بنحمزة وجون دوفال

أثارت مبادرة حزب النهج الديموقراطي الأخيرة فيما يخص قضية الصحراء، وكما هو متوقع، العديد من ردود الفعل المؤيدة والمعارضة. وبينما هذه الورقة قيد الصياغة، تناسلت الردود، لكن إذا ما استثنينا بعض "الردود" التي كتبها عصبويون كل رصيدهم هو السباب وكيل الشتائم، فإن باقي الردود الأخرى، لا سواء منها المؤيدة أو المعارضة، (ورقة علي فقير كمثال عن الأولى وورقة الحسين أمال وعزيز المنبهي كمثال عن الثانية) تتفق جميعها على قواسم مشتركة جوهرية من قبيل "الشرعية الدولية" والرهان على الأمم المتحدة، الخ. مما يجعلنا نعتقد أن ورقتنا هذه لا تزال تحافظ على راهنيتها وضرورتها. (24 فبراير 2007)


« إن انتظار السلام من المفاوضات والاتصالات بين الحكومات البورجوازية إنما هو خداع للنفس وخداع للشعب» لينين: رسائل من بعيد، الرسالة III.

في رسالة مفتوحة1 إلى كل من الحكومة المغربية والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء وواد الذهب (ج، ش، ت، س، ح، و، ذ)، دعا حزب النهج الديموقراطي « الحكومة المغربية والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء وواد الذهب إلى الجلوس على طاولة المفاوضات قصد البحث الجدي عن حل سياسي متفاوض عليه، في إطار مقررات المنتظم الدولي»، وعبر فيها عن استعداده "للمساهمة في إنجاح هذه المبادرة". والحيثيات التي دفعت بحزب النهج الديموقراطي إلى القيام بهذه المبادرة هي، حسب نفس الوثيقة، كون النزاع حول الصحراء قد وصل في الفترة الأخيرة، إلى الباب المسدود، مما يهدد أمن واستقرار المنطقة ومصالح ومستقبل شعوبها و« وعيا منه بخطورة المأزق الذي آلت إليه قضية الصحراء» و« اعتبارا لكون الصراع تسبب في مآسي إنسانية لا حصر لها» و« نظرا لكون قضية الصحراء ظلت تستعمل لإجهاض نضال الشعب المغربي» واستحضارا من الحزب لواجبه « كقوة سياسية ما فتئت تناضل من أجل التحرر والديموقراطية على طريق الاشتراكية ومن أجل وحدة شعوب المغرب الكبير كضرورة تاريخية لا مفر منها وتنبذ الشوفينية وتنادي بالحلول السلمية، لقضية الصحراء، المرتكزة على الشرعية الدولية.»

في البداية وقبل أن نبدأ في نقاش هذه الأفكار،لابد أن نسجل لحزب النهج الديموقراطي أنه الحزب الوحيد في المغرب الذي حافظ لنفسه على مسافة مع السعار الشوفيني الذي ينشره النظام وتتماهى معه جميع الأحزاب الأخرى. كما أن العديد من مناضليه قدموا الكثير من التضحيات بسبب دفاعهم عن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير. وهكذا فإن نقاشنا لما نعتبره أخطاء في تصور هؤلاء الرفاق، هو نقد رفاقي لكن حازم، نقد حازم لكن رفاقي، استنادا إلى النظرية الماركسية، هدفه تسليح المناضلين الاشتراكيين الحقيقيين، بالتصور الماركسي الثوري لمسألة الصحراء والمسألة القومية عموما، لتجنيبهم السقوط في مستنقعات التعاون الطبقي. خاصة وأن طريق جهنم مفروش، كما هو معلوم، بالنوايا الطيبة.

فعلا، وكما أشار الرفاق، تسببت الحرب في الصحراء في مآسي إنسانية لا حصر لها، آلاف القتلى والمعطوبين، آلاف المنفيين، تبذير ملايير الدولارات لشراء الأسلحة المدمرة وإغناء شرذمة من كبار ضباط الجيش وشراء الذمم، الخ. هذا صحيح، وأيضا شكلت، عبر عقود من الزمن، أفضل وسيلة في يد الطبقة السائدة لإجهاض نضالات الشعب المغربي.

لكن الماركسيين عند دراستهم للحروب لا يكتفون بأن يشيروا إلى المآسي التي تنتجها، ويذرفون الدموع على القتلى والمعطوبين ثم يدعون في النهاية إلى وقفها عبر « البحث الجدي عن حل سياسي متفاوض عليه». إن الماركسيين، وعلى خلاف المسالمين البورجوازيين والبورجوازيين الصغار، يدركون حتمية الحروب في ظل المجتمع الرأسمالي، والمجتمع الطبقي عموما، ويدركون أن القضاء على الحروب رهين ليس بالمفاوضات ولا بالدعوات الصالحة، بل بالقضاء على المجتمع الرأسمالي نفسه. إن النضال ضد الحرب هو نضال من أجل التغيير الاشتراكي للمجتمع. ويلخص لينين هذه الحقيقة بروعة عندما يقول: « لقد ندد الاشتراكيون دائما بالحرب بين الشعوب باعتبارها عملا من أعمال البرابرة والوحوش. غير أن موقفنا نحن من الحرب يختلف مبدئيا عن موقف المسالمين البورجوازيين (أنصار السلام ودعاته) والفوضويين. فنحن نمتاز عن الأوائل بكوننا ندرك الصلة الحتمية التي تربط بين الحروب والنضال الطبقي وندرك أنه من المستحيل القضاء على الحروب دون القضاء على الطبقات ودون إقامة الاشتراكية»2

كما أن الماركسيين لا ينبذون الحروب في المجرد، ويدعوا إلى إيقافها و"الاحتكام إلى طاولات المفاوضات"، بل يوجهون انتباههم إلى دراسة كل حرب على حدة ليحددوا طبيعتها. حيث نجد في التاريخ إلى جانب حروب النهب واللصوصية، حروبا أدت، بالرغم من كل المآسي التي سببتها، إلى تحرير شعوب أو طبقات وإلى تغيير الأوضاع نحو الأفضل، من قبيل الحروب التي قوضت الأنظمة الإقطاعية في أوروبا ما بين سنوات 1789 وعام 1871، أو حروب الاستقلال. تلك الحروب أيدها الماركسيون ونظروا إليها دائما نظرة عطف وحثوا على مواصلتها وتمنوا انتصارها. مثل تلك الحروب لم يدع الماركسيون أبدا إلى إيقافها وتعويضها "بالمفاوضات" أي بالألاعيب الديبلوماسية والنفاق.

ينطلق الماركسيون، عند دراستهم لأي حرب، وقبل أن يعطوا موقفهم من أي حرب ومن تم يحددوا سياستهم اتجاه أي حرب، من أنها استمرارية للسياسية بوسائل أخرى، أي بوسائل العنف. ومن تم فقد عملوا دائما، بدل التأوهات والدعوات الفارغة إلى وقف الحرب، على تحليل طبيعة السياسة التي تكون تلك الحرب استمرارا لها. السياسة التي أدت في نقطة معينة إلى الحرب.

بتطبيقنا لهذه الطريقة على الحرب التي تدور، تارة بشكل مستتر وتارة بشكل معلن، في الصحراء، سنجد أن الطبقة السائدة في المغرب تخوضها من أجل الحفاظ على سيطرتها على ثروات المنطقة الغنية واستغلال موقعها الاستراتيجي، كما ترى فيها وسيلة لصرف انتباه الجماهير الكادحة عن همومها الحقيقية وعن أعدائها الداخليين نحو "أعداء" خارجيين وهميين وبث سموم الشوفينية بين صفوف الشعب للتمكن من تمتين "الجبهة" حول "ضامن وحدة البلاد"... ومن ثم فإنها حرب رجعية بالمطلق يجب على الماركسيين الحقيقيين أن ينددوا بها ويفضحوها ويناضلوا ضدها.

أما الحرب التي يخوضها الشعب الصحراوي فهي حرب من أجل فرض الحق في تقرير المصير، من أجل تحرير شعب تحت الاحتلال، ومن ثم فإنها حرب تقدمية، عادلة، يجب على الماركسيين أن يدافعوا عنها ويؤيدوها ويتمنوا انتصارها. ولكي يحققوا ذلك، يجب عليهم أن لا يزرعوا الأوهام بين جماهير الشعب الصحراوي حول إمكانية تحقيق الخلاص في ظل الدكتاتورية الرأسمالية، أو عن طريق التفاوض و"الحلول السلمية"، أو عن طريق الشرعية الدولية، فهذا ليس دور الماركسيين، إنه دور الإصلاحيين وأسيادهم البورجوازيين والإمبرياليين، وهؤلاء، كما هو معلوم، لديهم ما يكفي من الوسائل لكي يقوموا بهذه المهمة القذرة لأنفسهم بأنفسهم.

إن دور الماركسيين، على النقيض من ذلك، يتمثل في أن يشرحوا للجماهير أن حروب الاستعمار والنهب، مسألة حتمية في ظل الرأسمالية، ولا يمكن القضاء عليها ولا وقفها بالدعوات الصالحة إلى التعقل ولا بالمفاوضات. لا يمكن القضاء عليها إلا بنضال ثوري ينتهي بالقضاء على الرأسمالية نفسها. دورهم يتمثل في أن يفضحوا رجعية ونفاق الإمبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة ومؤسساتها الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة.

لا يمكن لماركسي حقيقي أن يتمنى وقف الحرب التحررية ويدعوا إلى استبدالها بسياسة سلمية وبالمفاوضات، أي إلى استبدالها بالأوهام. « إن الماركسية - يقول لينين- ليست مذهب المسالمة. إن النضال في سبيل وقف الحرب بأسرع ما يمكن أمر لا غنى عنه. ولكن مطلب "السلام" لا يأخذ معنى بروليتاريا إلا عندما يصحبه النداء إلى النضال الثوري. فبدون سلسلة من الثورات يبقى ما سمي بالسلام الديموقراطي وهما من الأوهام البورجوازية الصغيرة»3

هذا هو الموقف الماركسي لكن يبدو جليا، من خلال رسالة الرفاق المفتوحة، أنهم يأخذون نفس المسافة من كلا الحربين، يضعونهما في سلة واحدة ويدعون إلى وقفهما كليهما، بـ"الجلوس على طاولة المفاوضات قصد البحث الجدي عن حل سياسي متفاوض عليه"، بل ويتطوعون بكل سذاجة للوساطة بين الذئب و"الحمل". ما أشبه من يدعوا إلى إيقاف الحرب التحررية بين المستعمَر والمستعمر، "بالجلوس إلى طاولة المفاوضات"، بذلك الذي يدعوا إلى إيقاف الحرب الطبقية بين المستغَل والمستغل عبر "الجلوس إلى طاولة المفاوضات". كلاهما يعاكس كل قوانين التاريخ وكلاهما ينطلق من موقف خاطئ وينتهي، بغض النظر عن نواياه، إلى خلاصة رجعية.

وحدة شعوب المنطقة المغاربية

إن وحدة شعوب المنطقة المغاربية صارت، كما عبر الرفاق بحق، ضرورة تاريخية لا مفر منها. هذا أكيد. لكن الأكيد أيضا هو أن هذه الوحدة مستحيلة دون قطيعة جذرية مع النظام الرأسمالي.

لقد كان الاستعمار هو المسؤول على تقسيم المنطقة إلى دويلات ورسم الحدود المصطنعة بينها وإقامة أنظمة عميلة مرتبطة به ساهرة على تأبيد ذلك التقسيم الذي لا يخدم سوى مصالح الإمبريالية والأوليغارشية المحلية. وفي المقابل كانت حركة المقاومة ضد الاستعمار حركة ضد التقسيم. لكن في غياب قيادة بروليتارية للحركة الثورية ضد الاستعمار، ضاعت كل تلك التضحيات هباء وتمكنت الأوليغارشية من إجهاض ذلك الحلم وبلقنة المنطقة كما حاولت، طيلة سنوات حكمها، إشعال نيران الحقد والعداء بين شعوب المنطقة المغاربية.

إن هذه الأنظمة الرأسمالية، بسبب قانون التطور الغير متكافئ، الذي يجعل لكل منها خصوصيتها ومصالحها الخاصة مما يدفعها بالضرورة إلى التنافس فيما بينها، وارتباطها بالدوائر الإمبريالية، ليست عاجزة فقط عن تحقيق الوحدة، بل هي معادية لها وأكبر عائق أمام تحققها.

لقد أعطي لبورجوازيات المنطقة المغاربية ما يكفي من الوقت لتظهر ما الذي في إمكانها تحقيقه فيما يخص بناء مغرب الشعوب وتحقيق السلام والازدهار، الخ. وقد أظهرت ما الذي في مقدورها تحقيقه: المزيد من الاستغلال والتخلف والبؤس والديكتاتورية والصراعات والانقسام.

فقط البروليتاريا، بتحالف مع الفلاحين الفقراء وجميع المستغلين، من ليس لديها أية مصلحة في استمرار الانقسام المصطنع والاضطهاد القومي. ووحدها من لديه القدرة على تحقيق وحدة شعوب المنطقة المغاربية، في ظل فدرالية اشتراكية للمنطقة المغاربية، ليمكن لأول مرة تجميع ثروات المنطقة الاقتصادية واستثمارها وفق مخطط اشتراكي موجه لخدمة مصالح الأغلبية الساحقة.

قد يقول بعض من « أوهنهم الارتياب، وصيرهم الادعاء بالعلم والمعرفة بلداء بلهاء، والذين يميلون إلى خطب الندامة، ويتعبون سريعا من الثورة، ويحلمون، كما يحلمون بعيد من الأعياد، بجنازة الثورة، والاستعاضة عنها بنثر دستوري4»، أن هذا ليس سوى يوتوبيا! إننا نعتقد أن اليوتوبيا الحقيقية هي الاعتقاد في إمكانية تحقيق مغرب الشعوب ووحدة الشعوب في ظل أنظمة معادية للشعوب. هي الاعتقاد في إمكانية تحقيق ذلك في ظل النظام الرأسمالي الذي لم يعُد يعِد الإنسانية سوى بالحروب والبطالة والجوع والاستغلال. وعبر ماذا؟ عبر "الجلوس على طاولة المفاوضات" والاحتكام إلى "الشرعية الدولية".(!!!)

المأزق؟

كان من بين أهم الأسباب التي دعت الرفاق في النهج الديموقراطي إلى طرح مبادرة الوساطة بين الحكومة المغربية وجبهة البوليزاريو، حسب ما جاء في الرسالة المفتوحة، وعيهم "بخطورة المأزق الذي آلت إليه قضية الصحراء" و"كون النزاع حول الصحراء قد وصل في الفترة الأخيرة، إلى الباب المسدود، مما يهدد أمن واستقرار المنطقة ومصالح ومستقبل شعوبها".

أول ما يتبادر إلى ذهن القارئ عند قراءته لموقف الرفاق هو التساؤل عن أي مأزق بالضبط يتحدثون؟ ومأزق من بالضبط؟ ومن الذي وصل إلى الباب المسدود؟

هل الحديث يدور هنا عن الجماهير الكادحة المغربية والصحراوية؟ إذا كان الأمر كذلك فإن الوقائع التي تدور على الأرض تنفي تماما ما يقوله الرفاق. إن الجماهير المغربية، بدأت تعرف نهوضا نوعيا رائعا في نضاليتها. بل وكما سبق لنا أن برهنا على ذلك في مقالتنا الربيع المغربي « إنها من المرات القلائل في تاريخ المغرب التي يشهد فيها الصراع الطبقي مثل هذا الانفجار المتزامن في جميع المدن الرئيسية: البيضاء، الرباط، سلا، طنجة، وجدة،، فاس، خنيفرة، مراكش،، أكادير، طاطا، سيدي افني، الخ. وكذا العديد من البوادي، وترفع شعارات متقاربة بل متشابهة، منددة بالغلاء والخوصصة... وتشارك فيها مختلف فئات الكادحين، نساء ورجالا ومن جميع الأعمار». كما أن إضرابات الطبقة العاملة تزايدت وتسارعت وتيرتها وازدادت كفاحيتها وتوسعت وتعمقت قاعدتها. وليس كل هذا سوى بداية مرحلة تنبئ بأجمل الآفاق.

جماهير الشعب الصحراوي بدورها عرفت في الآونة الأخيرة نهوضا عارما وجرأة في النضال تستحق التقدير. مواجهات بطولية ضد قوات القمع، وشراسة في التحدي واستعداد لتقديم جميع التضحيات من أجل فرض الحق في تقرير المصير. انتفاضات عارمة متزامنة في كل الأراضي الصحراوية المحتلة، شارك فيها الرجال والنساء من جميع الأعمار، والنضالات البطولية التي يخوضها المعتقلون السياسيون الصحراويون داخل السجون والطلاب الصحراويون في الجامعات، هذه هي الصورة كما تؤكدها الوقائع التي لا تستطيع حتى وسائل الإعلام الأكثر إغراقا في الشوفينية نفيها.

إن هذه النضالية التي يعرفها المغرب والصحراء الغربية بل وكل المنطقة المغاربية، من وجهة نظرنا، ليست دليلا على وجود مأزق ما، بل دليلا على قرب اليوم الذي ستكنس فيه أيدي العمال والكادحين هذه الأنظمة العفنة وتبني مستقبلا زاهرا. كما أن تزامن هذه النضالات بين كل بلدان المنطقة المغاربية، إنما يضع الأسس لوحدة نضالية بين شعوب المنطقة: الصحراوي والأمازيغي والعربي، الخ. ضد أنظمة الاستغلال والاضطهاد والقهر القومي القائمة في المنطقة.

الجماهير قدمت وتقدم كل ما في مقدورها من أجل تغيير واقعها البئيس. وليس هناك ما يمكن أن يطلب منها أكثر. وإذا كان يحق لنا الحديث هنا عن مأزق فهو مأزق القيادات العمالية العاجزة عن تقديم بديل ثوري لتلك النضالات. إنه مأزق الأحزاب اليسارية التي تخلت عن المهمة التاريخية التي وجدت من أجلها، ألا وهي تغيير المجتمع تغييرا ثوريا، لتصير مجرد وسائل في يد الطبقة السائدة للجم نضالات العمال والشعوب المضطهدة ولضبط الأوضاع، والتي تحرجها هذه النضالات وتفضح جبنها وتواطئها وخيانتها. إن الأزمة هنا هي أزمة ناجمة عن ضعف القيادة الثورية.

وتجاوز هكذا مأزق لا يتأتى إلا بالعمل على تنظيم الطبقة العاملة، بغض النظر عن انتماءاتها العرقية أو اللغوية، وتسليح نضالاتها ببرنامج ثوري يربط بشكل علمي جدلي بين النضال من أجل الحقوق الديموقراطية وبين النضال من أجل استيلاء الطبقة العاملة على السلطة. برنامج يدمج بين المهام الديموقراطية للثورة (الحقوق القومية، المساواة بين الرجل والمرأة، الخ) وبين المهام الاشتراكية (مصادرة أملاك كبار أصحاب الأراضي والرأسماليين ووضعها تحت الرقابة العمالية).

أما إذا كان الرفاق يتحدثون عن مأزق الإمبريالية ومشاريع سلامها المزعوم، فإنهم محقون تماما. إذ أن الإمبريالية أعطت الدليل على عجزها المطلق عن تقديم حل لأي من المشاكل التي تواجهها الإنسانية. بل إن كل المشاريع و"الحلول" التي تقدمها، في أي منطقة من العالم، سرعان ما تنفجر في وجهها، والطريف هو أن تلك "الحلول" التي تقدمها الإمبريالية لبعض المشاكل، سرعان ما تتحول هي أيضا إلى مشكل عويص. ومن يريد دليلا على ما نقوله يكفيه أن ينظر إلى فلسطين، تيمور، العراق، الحرب على الإرهاب، على سبيل المثال لا الحصر.

بل ليست عودة المسألة القومية إلى الانفجار في عصرنا سوى دليل على عمق المأزق الذي وصله النظام الرأسمالي العالمي5

والفشل الذريع الذي واجه كل مشاريع الإمبريالية في المنطقة هو تأكيد لصعوبة المأزق وعمقه. لكنه مأزق مرتبط بطبيعة الإمبريالية نفسها. فالإمبريالية، كما سبق للينين أن شرح، هي الرجعية والتعفن على طول الخط ولا يمكنها أن تقدم أي حل لشعوب المنطقة. ثم إن تناقض المصالح بين القوى الإمبريالية وصراعها من أجل اقتسام وإعادة اقتسام مناطق النفوذ، وتناقض المصالح بين القوى المحتاجة إلى نوع من الاستقرار لضمان استغلال سلمي لثروات المنطقة وشعوبها وبين القوى الأخرى المحتاجة إلى الاضطرابات واللااستقرار لمنع حدوث ذلك ولضمان سوق أسلحة بالملايير، مع إمكانية تغير المواقع حسب تغير المصالح... كلها عوامل تؤبد الأزمة وتجعل من المستحيل تحقيق أي سلام دائم وعادل في المنطقة.

في مواجهة هذا المأزق يتوجب على الماركسيين أن يحاربوا الأوهام التي يحاول منظرو الإمبريالية والإصلاحيون نشرها بإمكانية تحقيق أي سلام في ظل نظامهم المنحط المريض الذي يتقيأ الحروب والاستغلال والدمار. على الماركسيين أن يفضحوا نفاق الإمبريالية عندما تتغنى "بالسلام" و"الحلول العادلة" ويبينوا للجماهير أنه ليس هناك من حل إلا بالتغيير الاشتراكي للمجتمع. لا أن يسقطوا هم أيضا في التطبيل "للشرعية" الدولية: شرعية اللصوص الإمبرياليين وقطاع الطرق. ويسقطوا (بغض النظر عن نواياهم) في مستنقعات تقديم غطاء يساري لمشاريع رجعية مهمتها خداع الجماهير والالتفاف على نضالاتها.

لقد سبق للرفاق في النهج الديموقراطي أن شرحوا أن التناقض الأساسي هو بين « الطبقة العاملة وعموم الكادحين من جهة، والطبقات السائدة والإمبريالية من جهة ثانية». وأكدوا أن « ذلك يفترض بناء التنظيم السياسي المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين[...]» وهذا صحيح تماما، لكنه يتناقض بشكل جذري مع ذلك الرهان الغبي على "الشرعية" الإمبريالية وعلى مؤسساتها الدولية وهذا ما سنفصل فيه لاحقا.

وإذا كان الرفاق يتحدثون عن مأزق قيادة (ج، ش، ت، س، ح، و، ذ) فهذا صحيح أيضا. لقد تشكلت الجبهة منذ تأسيسها كمنظمة "حرب عصابات ستالينية كلاسيكية"، تربط مهام تحرير الصحراء من الاستعمار الإسباني بخلق "جمهورية ديموقراطية عربية". وقد تبنت تصورا قوميا ضيقا، لم يعط أهمية كبيرة للتحالف مع الطبقة العاملة وعموم الكادحين لا في المغرب ولا في الجزائر ولا أي بلد آخر من بلدان المغرب الكبير. وبدل ذلك (وبسبب ذلك) تورطت في تحالفات مشبوهة مع قوى إقليمية (ليبيا، الجزائر..) وإمبريالية، فتحولت إلى لعبة في يدها لخدمة مصالحها ودبلوماسيتها. كما كان الشأن مثلا عندما ساند نظام القدافي البوليزاريو، قبل أن يتخلى عنها سنة 1984 ويوقع "معاهدة وحدة" مع المغرب، في محاولة لخلق محور ضد الجزائر ولإقناع الحسن بعدم إرسال قواته لدعم النظام التشادي في حربه ضد ليبيا التي كانت تدعم المتمردين6

لم تؤدي طريقة حرب العصابات والعزلة عن نضالات الطبقة العاملة المغربية والجزائرية، الخ. إلى تحقيق أي هدف من أهداف الشعب الصحراوي، برغم سنوات طويلة من التضحيات. والأسوأ هو قيام قيادة البوليزاريو باستبدال هذه الطريقة بالاعتماد على لعبة الدبلوماسية واستجداء الدعم من الحكومات البورجوازية والقوى الإمبريالية. وهي السياسة التي وصلت إلى الباب المسدود تماما. إذ لا توجد أية حكومة مستعدة للدفاع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. ولا حتى الجزائر التي ليست القضية بالنسبة لها سوى ما يشبه لعبة عض الأصابع بينها وبين النظام المغربي: من سيصرخ الأول. إذ أن الطبقة السائدة في الجزائر لن تسمح أبدا، برغم المظاهر، بحدوث تغيير جذري في المنطقة، كما أنها تعلم جيدا جدا أن تحقيق الشعب الصحراوي لحقه في تقرير المصير سيؤدي حتما إلى تشجيع كل الشعوب المضطهدة في المنطقة وفي الجزائر أيضا (الأمازيغ...) إلى المطالبة بحقوقها القومية.

كما أن المشروع السياسي الذي تتبناه البوليزاريو لدولة في ظل الرأسمالية، يجعلها حتى لو تمكنت من تحقيق دولة "مستقلة" بفضل مساعدة الإمبريالية و"شرعيتها"، فسرعان ما سيتبين للجماهير الكادحة الصحراوية أن ذلك الاستقلال ليس سوى استعمار جديد استفاد منه بعض الوصوليين مقابل بيعهم لثروات الوطن بأبخس مما كان الآخرون يبيعونها. ليس هناك من مخرج في ظل الرأسمالية!

للخروج من هذا المأزق لا بد من امتلاك منظور ماركسي للمسألة القومية. يجب الحسم مع المنظور القومجي الضيق المبني على فصل نضالات الشعب الصحراوي عن نضالات شعوب المنطقة، والتحالف في المقابل مع الأنظمة والقوى الإمبريالية -عدوة الشعوب وعدوة الشعب الصحراوي نفسه-، يجب التخلص من وهم إمكانية الحل في ظل الرأسمالية وتبني برنامج ثوري يربط بين النضال من أجل التحرر القومي بالنضال من أجل القضاء على النظام الرأسمالي. للخروج من هذا المأزق يتوجب التخلي عن طريقة حرب العصابات المفصولة عن الجماهير والعمل على تنظيم نضالات الجماهير الصحراوية، من خلال مجالس منتخبة ديموقراطيا في الأحياء الفقيرة وأماكن العمل والجامعات وتشكيل ميليشيات الدفاع الذاتي وتسليحها، لكن تحت رقابة المجالس الشعبية وليس بالانفصال عنها... وقد أعطت التحركات الأخيرة للجماهير الصحراوية، في المناطق المحتلة، الأرضية الصلبة التي يمكن البناء على أساسها.

والآن إذا كان الرفاق يتحدثون عن مأزق النظام القائم بالمغرب فهم محقون أيضا. إذ يعيش النظام أزمة خانقة على جميع المستويات. ونضالات الجماهير المغربية والصحراوية زادت من تعميق تلك الأزمة وتسعير التناقضات حتى داخل صفوف الطبقة السائدة نفسها. وجميع مناوراته، فيما يخص قضية الصحراء، لم تعد تجديه نفعا. جهاز القمع أصيب بالإنهاك. وبالرغم من كل القمع المسلط على نضالات الشعب المغربي والصحراوي فإن نضالاتهما لا تفتأ تتصاعد، كما أن عزلته حتى عن حلفاء الأمس صارت تتزايد بشكل سريع(التصويت الأخير في الأمم المتحدة).

لكن ما هي سياسة النظام التي وصلت إلى المأزق؟ إنها تلك السياسة التي يصفها الرفاق قائلين:

« إن النظام استعمل ويستعمل قضية الصحراء لتقوية أركانه وتقوية الطبقات السائدة. هكذا وظف النظام قضية الصحراء، بعد الانقلابات العسكرية في بداية السبعينات، لبناء "إجماع" حوله مكنه إدخال قوى المعارضة التقليدية في "مسلسل ديمقراطي" مزعوم تحكم فيه بالكامل للحفاظ على جوهره الاستبدادي. وظل يستعمل قضية الصحراء للتنفيس عن أزماته وأزمات الطبقات السائدة وتحميل عبئها للجماهير الكادحة. كما أن قضية الصحراء فتحت إمكانيات هائلة للنهب من طرف المافيا المخزنية، حيث تنفق ميزانيات خيالية، خاصة من طرف الجيش، من دون حسيب أو رقيب.

وقد وظفت قضية الصحراء أيضا لتبرير المزيد من الإذعان للامبريالية وتقديم التنازلات لها على المستوى السياسي (التطبيع الشبه الرسمي مع إسرائيل، دعم مخططات الامبريالية الأمريكية في المنطقة، انعقاد "منتدى المستقبل" في بلادنا كأول حلقة في مخطط "مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا"...) والاقتصادي (اتفاقية التبادل الحر...) والأمني (قيام المغرب بالأعمال الوسخة كتعذيب الإرهابيين المفترضين لحساب أمريكا...) والعسكري (المناورات المشتركة، منح قاعدة عسكرية في درعة...).».

هذه هي السياسة التي وصلت إلى المأزق. السؤال المطروح الآن هو هل عندما تصل مثل هذه السياسة إلى المأزق والباب المسدود تكون مهمتنا، نحن الماركسيين، هي الوساطة من أجل "نزع الفتيل" وإعطاء "الحلول"؟ من وجهة نظرنا نحن، ما يجب القيام به هو العكس تماما.

« يترتب على الاشتراكيين، في حالة نشوب الحرب، أن يستغلوا الأزمة الاقتصادية والسياسية الناجمة عن هذه الحرب، بغية تعجيل سقوط الرأسمالية، أي استغلال المصاعب التي تفرضها الحرب على الحكومات، وكذلك استياء الجماهير، من أجل الثورة الاشتراكية»7، هذه هي السياسة الوحيدة الجديرة باشتراكيين أممين حقيقيين وليس عرض الخدمات على الدكتاتورية، سيما وأنه ليس هناك من شيء سيثبت –مؤقتا على الأقل- أركان النظام ويقوي شرعيته بين الفئات الأشد تأخرا أكثر من توصله إلى حل ينقذ به ماء وجهه من هزيمة مذلة، ليتفرغ لتصفية بعض "المسائل العالقة" وعلى رأسها سحق الحركة الجماهيرية وفرض "السلام الاجتماعي".

ليست الوساطة من أجل إنقاذ "الأطراف" من الأزمة والباب المسدود الذي أوصلتهم إليه سياستهم بالذات والتي هي نتاج حتمي لنظامهم هم بالذات، سياسة اشتراكية، بل هي ممارسة انتهازية يجب على كل ماركسي حقيقي أن يناضل ضدها. يقول لينين في هذا السياق: « إن المحتوى السياسي والفكري للانتهازية والاشتراكية الشوفينية واحد هو تعاون الطبقات بدلا من الصراع فيما بينها والتخلي عن وسائل النضال الثورية ومساعدة حكوماتـ"ها" وقت الشدة بدلا من استغلال مصاعبها لصالح الثورة8»

ثم حتى السلام المنشود، والذي يعتبر أحد أهم الدوافع التي جعلت الرفاق في حزب النهج الديموقراطي يعملون على طرح مبادرتهم هذه، ليس ممكنا إلا باتباع سياسة ثورية حازمة ترمي إلى توحيد نضالات الشعوب المضطهدة في المنطقة، في حرب طبقية، من أجل القضاء على أنظمة القهر المغروسة في لحم المنطقة، يقول لينين: « على كل من يرغب في سلام دائم وديموقراطي أن يؤيد الحرب الأهلية9ضد الحكومات والبورجوازية»10.

الأمم المتحدة

هنالك وهم شائع جدا، مع الأسف، بين المناضلين اليساريين يتمثل في الرهان على ما يسمونه "الشرعية" الدولية وعلى الأمم المتحدة. فلا سواء تعلق الأمر بفلسطين ولا بالصحراء الغربية ولا بأي مكان من العالم، تجدهم يطبلون لتلك الشرعية ويطلبون تدخل الأمم المتحدة لإحلال السلام. ورغم أنه لم يحدث أبدا لمنظمة الأمم (الغير) المتحدة هذه أن أعطت لأي شعب حقه في تقرير مصيره، أو ساعدته في ذلك، أو بسطت السلام في أي مكان دخلته، بل على العكس تماما، تسببت في الكثير من المرات، بشكل مباشر أو غير مباشر، في الاعتداء على الشعوب وموت آلاف الأبرياء: تقسيم فلسطين، الحصار على العراق، مذبحة قانا خلال الحرب اللبنانية الأخيرة... (إذا أردنا أن نقتصر على العالم العربي) فإن هؤلاء السادة يحافظون على إيمان راسخ، أشبه بإيمان العجائز الذي لا يحتاج إلى دليل، بقدسية هذه المنظمة ومقرراتها وشرعيتها.

نفس الوهم نجده مترسخا لدى الرفاق في النهج الديموقراطي، إذ نجدهم، في جميع المرات التي يتحدثون فيها عن فهمهم للحل في الصحراء الغربية، يتحدثون عن "الشرعية" الدولية و"مقررات المنتظم الدولي"، الخ. وكأنهم يتحدثون عن شرعية مناقضة لشرعية الإمبرياليين، وعن ما يسمى بـ "المنتظم الدولي" وكأنه ليس هو نفسه منتظم القوى الإمبريالية. ويتحدثون عن الأمم المتحدة وكأنها مؤسسة محايدة عن الإمبريالية، أو قد تنتهج سياسة مناقضة لمصالح الإمبريالية. لكن الواقع هو عكس ذلك تماما، إذ جميع الوقائع تؤكد أن منظمة الأمم المتحدة ليست سوى وسيلة في يد القوى الإمبريالية لحل القضايا التافهة والمشاكل الثانوية بينها، أما القضايا الرئيسية والحاسمة فتحل بعيدا عن هذه المؤسسة، هذا من جهة أما من جهة أخرى، فإن القوى الإمبريالية لم تخلق هذه المنظمة وتمولها، لكي تعمل هذه المنظمة على عرقلة مصالحها، بل خلقتها لخدمة مصالحها هي، وهي مستعدة للتخلص منها كما يُتخلص من رقعة بالية إذا ما تبين أن هذه المنظمة قد استنفذت صلاحيتها أو صارت معرقلا لمصالح القوى الإمبريالية.

ليس للأمم المتحدة أية سياسة مستقلة عن سياسة القوى الإمبريالية التي تقف ورائها، يجب علينا ألا ننسى هذه الحقيقة. ويجب علينا أيضا ألا ننسى أن سياسة القوى الإمبريالية رجعية بالمطلق ولا توجد فيها أية ذرة من التقدمية، أبدا على الإطلاق! وتدخل الأمم المتحدة في المنطقة لا يمكنه إلا أن يكون تدخلا للقوى الإمبريالية التي خلقت تلك المنظمة وتمولها وتصنع قراراتها، ومن تم فإنه لا يمكننا، نحن الماركسيين، تحت أي ظرف من الظروف، أن ندعم تدخل ما يسمى بالأمم المتحدة. يجب أن لا يكون لنا أي وهم حول دور وطبيعة الإمبريالية[...] لا يجب إيلاء ولو ذرة من الثقة للإمبريالية، التي ستدافع دائما عن مصالحها الخاصة الأنانية على حساب المضطهَدين11

لقد بقيت القوى الإمبريالية الواقفة وراء تلك المنظمة، الإمبريالية الأمريكية والفرنسية والإسبانية تتفرج على جرائم النظام المغربي بدون أن تحرك ساكنا، بل كانت تبيعه كل أنواع الأسلحة وتمكنه من جميع أنواع الدعم التقني والمخابراتي... كما أن الأمم المتحدة ضلت، طوال عقود من الزمن، تتفرج بدم بارد على معانات الشعب الصحراوي وهو يباد ويشرد وتكتفي، في أحسن الظروف، بالتنديد اللفظي وتدعوا إلى "التعقل"، لكنها الآن، وبقدرة قادر، صار من المفترض أنها هي من سيحمي الشعب الصحراوي ويرد له حقوقه(!)

ولكي يعرف المراهنون على الأمم المتحدة مدى سذاجة اعتقادهم، نسوق لهم تصريح شاهد من أهلها، مبعوث كوفي عنان الشخصي، السفير فان فالسوم، والذي يقول: « نزاع الصحراء الغربية لا يحظى بالأولوية في المفكرة السياسية لغالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة». وأن: « أغلبية الدول الأعضاء تود الحفاظ على علاقات جيدة مع المغرب ومع الجزائر». وأنه: « لا توجد أي دولة مستعدة للضغط على المغرب من أجل أن يتخلى عن مطالبه في الصحراء الغربية»12. أي باختصار فليذهب الشعب الصحراوي إلى الجحيم، لا شيء يعلو على صوت المصالح.

إن الرهان على الأمم المتحدة موقف خاطئ تماما من الناحية النظرية ورجعي بالمطلق من الناحية السياسية العملية. وذلك لأنه يجعل حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره سرابا، وأيضا يجعل هذا الطموح العادل والتقدمي وسيلة رخيصة في يد القوى الإمبريالية والإقليمية لتساوم به وتضغط به حسب الحاجة خدمة لمصالحها، بل يدفع المؤمن به بالضرورة إلى السقوط ضحية مناورات الإمبرياليين والقوى الإقليمية.

البديل

« إن الجمهورية البروليتارية التي يدعمها عمال الأرياف والفقراء من الفلاحين ومن سكان المدن هي وحدها التي تستطيع أن تؤمن السلام وتعطي الخبز والنظام والحرية»13 هذا هو الدرس الذي علمتنا إياه تجربة الثورة الروسية وكل تجارب النضالات التي عرفها القرن العشرين، أما جميع الأوهام على إمكانية الحل في ظل الرأسمالية فلم تؤدي إلا إلى المآسي والهزائم.

إن الضمانة الوحيدة لعدم السقوط في فخ الرهان على مؤسسات الإمبريالية و"شرعيتها" وعدم السقوط في فخ التعاون بين الطبقات هو امتلاك موقف طبقي حازم. « عندما اجتاح موسوليني الحبشة، سنة 1935، عارض تروتسكي بحزم تدخل عصبة الأمم (مطبخ اللصوص، كما كان لينين يسميها عن حق) [...] لقد وقف لينين وتروتسكي دائما موقفا طبقيا. وفي حالة الحبشة دعا تروتسكي إلى تحرك الطبقة العاملة»14. هذا هو الحل الوحيد!

لقد سبق لنا في رابطة العمل الشيوعي أن شرحنا ذلك في أرضيتنا السياسية -إعلان المبادئ- وأكدنا « أن المخرج الوحيد للشعب الصحراوي يتمثل في التحالف مع الطبقة العاملة المغربية في نضال مشترك من أجل الاشتراكية وبناء فدرالية اشتراكية في المنطقة» كما أكدنا، في نفس السياق، على أن « جميع المحاولات المبنية على الاعتماد على تحالفات مع القوى الإمبريالية أو المؤسسات الدولية من قبيل الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي لن تؤدي سوى إلى خيانات جديدة وهزائم سيتكبدها الشعب الصحراوي. إن الحليف الأفضل والوحيد والحقيقي ضد الاضطهاد القومي الذي يعانيه الشعب الصحراوي هو الطبقة العاملة والفلاحين المغاربة.» وطرحنا في برنامجنا النضال من أجل :

  • « الوقف الفوري لنهب ثروات الشعب الصحراوي.
  • فرض حق اللاجئين في العودة إلى أراضيهم بدون قيد أو شرط.
  • إطلاق سراح المعتقلين السياسيين الصحراويين والكشف عن مصير المفقودين والمختطفين.
  • معاقبة جميع المسؤولين عن جرائم الحرب ضد الشعب الصحراوي.
  • حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير بما فيه الحق في الانفصال.
  • من أجل فدرالية اشتراكية للمنطقة المغاربية توفر أوسع الحق في تقرير المصير لجميع الشعوب التي تشكلها»15.

    1 : رسالة مفتوحة من الكتابة الوطنية للنهج الديموقراطي إلى الحكومة المغربية والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء وواد الذهب، جريدة النهج الديموقراطي، ع 112، ص 2.
    2 : لينين: الاشتراكية والحرب، طبعة دار التقدم. ص: 5 (خط التشديد من عندنا).
    3 : لينين: المصدر نفسه. ص: 40.
    4 : لينين: مقدمة الترجمة الروسية لرسائل ماركس إلى كوغلمان.
    5 : Rob Sewell: Lenin on the National Question
    6 : النشرة الماركسية العالمية، 2002: نضال الصحراويين، التاريخ والآفاق.
    7 : بيان بال، نقلا عن لينين: الاشتراكية والحرب، ص 16
    8 : لينين نفس المصدر، ص 19
    9 : نعتقد أنه من المهم في هذا السياق توضيح مصطلح "الحرب الأهلية" من وجهة نظر الماركسيين، فبعد أن تعهر هذا المصطلح، في وقتنا الحالي، وصار مرادفا للإرهاب الفردي والتفجيرات الإجرامية والصراعات الدينية والعرقية (العراق، أفغانستان، المواجهات بين فتح وحماس...)، أصبح من الضروري التأكيد على أن لينين إذ يتحدث عن الحرب الأهلية إنما يعني النضال الطبقي الذي تخوضه الطبقة العاملة وحلفائها ضد الرأسماليين، بواسطة طرق نضالها التقليدية: التظاهر، الإضراب العام، الانتفاضة المسلحة. وهو ما سبق لنا أن أكدنا عليه نحن أيضا في إعلان المبادئ حيث نقول: »إننا نرتكز على النضال المستقل الذي تقوم به الطبقة العاملة. تشكيلة النضال من أجل الثورة الاشتراكية واسعة، هي النضال الجماهيري (الإضراب، التظاهر، الاعتصام، احتلال المصانع، الانتفاضة الجماهيرية) والمنظمات الجماهيرية، المشاركة الديموقراطية في اتخاذ القرار من طرف العمال، تملك الوعي الطبقي والمزاوجة بين النضال العلني والسري...
    نحن نرفض أساليب وبرامج الإرهاب الفردي (الاغتيالات والعمليات ضد أعضاء الدولة الرأسمالية أو ضد الأفراد الرأسماليين) الذي يعوض النضال التغييري الجماهيري بنشاط أقلية مستنيرة. ونعتقد أيضا أن استراتيجية وأساليب وبرنامج حرب العصابات (الحرب الشعبية الطويلة الأمد في البوادي نحو المدن أو تنويعاتها المختلفة الأخرى) هي أساليب غير صالحة في النضال من أجل الاشتراكية بالمغرب...
    نحن نرتكز على قاعدة نشاط وأساليب نضال الطبقة العاملة التي هي الأساليب الوحيدة لقادرة على ضمان انتصار ثورة اشتراكية حقيقية وتشييد الديموقراطية العمالية« - رابطة العمل الشيوعي، إعلان المبادئ-.
    10 : لينين، نفس المصدر، ص 26
    11 : Ted Grant & Jean Duval: East Timor: Can we trust the United Nations
    12 : فرناندو آرياس سالغادو: الصحراء في الأمم المتحدة، ترجمة مصطفى الكتاب.
    13 : لينين: رسائل من بعيد، طبعة دار التقدم 1977. ص، 22.
    14 : Ted Grant & Jean Duval: East Timor: Can we trust the United Nations
    15 : رابطة العمل الشيوعي، البرنامج الانتقالي.

samedi 24 février 2007

بريطانيا: الآلاف يتظاهرون لسحب القواة من العراق و أفغانستان


تظاهر الآلاف في شوارع لندن للمطالبة بسحب كامل وفوري للقوات البريطانية والأجنبية في العراق وأفغانستان.

وانطلقت المسيرة من "هايد بارك" وسط العاصمة البريطانية لندن و عبرت عدة شوارع. ووصل عدد المتظاهرين 60 ألفا من ناشطي السلام (الرقم التقريبي صادر عن تحالف اوقفوا الحرب) و شاركت في المظاهرة العديد من التنظيمات السياسية و النقابية و الفنية. ورفعت أعلام فلسطينية و لافتات تصف بوش بالارهابي بالاضافة الى الرايات الحمراء.
كما شهدت مدينة غلاسكو (في سكوتلاندا) مظاهرة مشابهة شارك فيها نحو 2000 متظاهر أعربوا عن تخوفهم من قيام الولايات المتحدة وبريطانيا بعمل عسكري تجاه إيران على خلفية برنامجها النووي.


vendredi 23 février 2007

اختفاء أحد مناضلي كتلة الشباب الشعبي.

النداء الصادر عن قيادة كتلة الشباب الشعبي:

كتلة الشباب الشعبي (BJP) تعلن إدانتها للقمع الذي تمارسها علينا حكومة "ايلياس انتونيو ساكا، بواسطة مختلف أجهزة الدولة، وأيضا بميليشيات خاصة. ندين اختفاء رفيق يبلغ عمره 21 سنة، "ايدوار فرانسيسكو كونتريراس بونيفاسيو"، الذي شوهد لآخر مرة يوم الأربعاء 7 فبراير. سبق لهذا الرفيق أن هدد بالقتل من طرف كاتالينو ميراندا، مالك أحد شركات الحافلات الصغيرة. ادوارد كان أيضا مستهدفا بمحاولة اغتيال.

وعليه:

  1. نحمل كاتالينو ميريندا المسؤولية عن مصير رفيقنا.
  2. نطالبه بإطلاق رفيقنا ايدوار فرانسيسكو كونتريراس.
  3. نطالب حكومة "ايلياس انتونيو ساكا" بالتحقيق حالا في حادثة الاختفاء هذه.
  4. ندعو كل المنظمات في السلفادور لاستنفار قواها في مواجهة الخروقات ضد حقوق الإنسان المرتكبة في حق المنظمات الاجتماعية والشبابية.

في النهاية، ندعو كافة المنظمات الثورية لنشر هذا الخبر، في كل البلدان، بحيث نطالب بشكل جماعي بوضع حد لمثل هذه الممارسات، التي تهدف إلى نسف الحركة الثورية في السلفادور.

القمع يتصاعد- فلنصعد النضال!»


للتضامن:

1- يمكنكم بعت رسائل الاحتجاج إلى الحكومة السلفادورية:
http://www.gobernacion.gob.sv/eGobierno/SeccionesPrincipales/Contactenos

2- ابعثوا رسائل التضامن إلى كتلة الشباب الشعبي عبر إرسالها إلى موقع تيار "Militante" بالمكسيك: redaccion@militante.org

3- وقعوا عريضة الاحتجاج على موقع Militante:
http://www.militante.org/index.php ?option=com_facileforms&Itemid=91

الفلسفة الماركسية: سلسلة مواضيع-2

2- مفهوم الأسلوب: الديالكتيك و الميتافيزيق

إن الأسلوب (الطريقة): هو طرق الوصول إلى الهدف و مجموعة المبادئ المحددة و الأساليب النظرية للبحث و النشاط العلمي .

و بدون الاعتماد على أسلوب معين فان أية مهمة علمية أو عملية لا يمكن حلها.

مثال: إذا أردنا معرفة التركيب الكيميائي لمادة ما، فمن الضروري معرفة أسلوب التحليل الكيميائي (وذلك للكشف عنها بالكواشف الكيميائية اللازمة، تم تحليلها إلى عناصر أولية، و نبين خواصها الكيميائية.... ).

إن وجود أسلوب محدد و معين هو ضرورة كذلك في دراسة الظواهر الفيزيائية و البيولوجية و كل الظواهر الأخرى. غير أن الأسلوب ليس مجرد جمع ميكانيكي لهذه الطرق الدراسية، بل انه يتعلق إلى درجة كبيرة، بطبيعة هذه الظواهر و القوانين الملازمة لها.

الفلسفة العلمية تعمم منجزات العلوم و النشاط التطبيقي للبشرية قد أعدت الديالكتيك المادي كأسلوب للمعرفة. انه يعطي المفتاح ليس فقط لفهم بعض الجوانب المنفردة من الواقع، و إنما كل الميادين الطبيعية و المجتمع و الفكر دون استثناء، لفهم العالم ككل.

· أصل كلمة ديالكتيك (Dialectique) : هي كلمة ذات أصل إغريقي قديم، تعني القدرة على الخوض في النقاش و الوصول إلى الحقيقة عن طريق كشف التناقضات في أقوال الخصم و التغلب عليها، وبعد ذلك صارت تعني أسلوبا لمعرفة الواقع.

الديالكتيك الأسلوب العلمي الوحيد لأنه ينظر إلى العالم في حركته الدائمة و تطوره، ينظر إليه كما هو في الواقع.

يقول انجلز: «لا يوجد بالنسبة للفلسفة الدياليكتيكية شيء قائم إلى البد، بدون شرط....فعلى كل شيء، و في كل شيء ترى الفلسفة الدياليكتيكية طابع الانحلال و لا يمكن – بالنسبة لها – بقاء شيء سوى عملية الظهور و الزوال الدائمة و الصعود الذي لا نهاية له من الأسفل إلى الأعلى».

في شرحه لعملية التطور ونضال الجديد ضد القديم و حتمية انتصار الجديد فانه يخدم بذلك القوى التقدمية في نضالها ضد العلاقات الاجتماعية التي ولى عنها زمان و الطبقات الاجتماعية الرجعية.

الأسلوب الذي يعارض جذريا أسلوب الدياليكتيك المادي هو الميتافيزيق. وقد ظهر الأسلوب الميتافيزيقي في دراسة الظواهر في أول الأمر في العلوم الطبيعية ، وخلال القرنين 17 و 18 انتشر إلى الفلسفة. كان الميتافيزيق ينكر التطور و يفهم انبثاق الجديد و الحركة كتغير بسيط في المكان، ولكن مع تطور العلوم و التقنيات لم يعد في الإمكان إنكار التطور فلجأ الميتافيزيق المعاصر إلى تشويه جوهر التطور، معتبرا إياه مجرد زيادة أو نقصان في الكمية، و تكرار بسيط لما هو موجود دون ظهور جديد.

الميتافيزيق ينكر التناقضات كمصدر للتطور.

الميتافيزيق بإنكاره للتطور و نضال الجديد ضد القديم، و حتمية انتصار الجديد فانه أداة في يد القوى الرجعية حيث تستخدمه في النضال ضد كل ما هو تقدمي.

[يتبع]

الفلسفة الماركسية: سلسلة مواضيع

المسألة الأساسية في الفلسفة:

إن الفلسفة من أقدم العلوم، وعرف التاريخ عدة أنظمة فلسفية قام بوضعها فلاسفة يمثلون طبقات اجتماعية مختلفة، ولكي نحدد قيمتها العلمية ومكانتها من التاريخ الفلسفي وجب علينا أن نحدد شيئا واحدا هاما جدا، وهو كيفية تعاطي هذه الأنظمة الفلسفة مع المسألة الأساسية في الفلسفة.

إن العالم الذي يحيط بنا باختلاف الأشياء والظواهر التي فيه هي إما مادية أو فكرية.

* إذ أن الظواهر المادية هي تلك التي تعنى بكل ما هو موجود موضوعيا، باختصار ما هو خارج عن وعي الإنسان ومستقل عنه.

* أما الظواهر المثالية(الفكرية) فهي باختصار كل ما يوجد في وعي الإنسان .

لكن عند وصولنا لهذه النقطة يطرح علينا سؤال وجب حله، وهي ما علاقة الوعي بالمادة، هل المادة هي التي أنتجت الوعي أم أن العكس الذي حصل.

إن العلاقة بين الفكر و المادة هي المسألة الأساسية للفلسفة.

للمسألة الأساسية للفلسفة جانبان:

أولا: من السابق المادة أم الوعي، هل المادة التي أنتجت الوعي أم العكس.

ثانيا: هل يمكننا معرفة العالم؟

وعند نبدأ في ملاحظة محتوى المسألة الأساسية في الفلسفة، يظهر لنا بوضوح وجد حلين متعارضين جذريا: فإما الاعتراف بأولوية الوعي وإما المادة. وعلى هذا الأساس ظهر لنا تياران فلسفيان أساسيان وهما:

* الفلاسفة الذين يعطون الأولوية للمادة، وأن الوعي مجرد نتاج لها، هم الماديون.وهم يرون أن المدة أزلية لم يخلقها أحد، وأن الوعي هو نتاج التطور التاريخي للمادة.

* الفلاسفة الذين يرون أن الوعي وجد قبل المادة، و أن المادة مجرد نتاج ثانوي عن الوعي الذي هو نتاج كل الموجودات،هم المثاليون.

بالنسبة للمثاليين فعند طرح هذا السؤال: أي وعي خلق العالم؟ تختلف الإجابة فيما بينهم!

* فالمثاليون الذاتيون يرون أن العالم خلق من طرف وعي إنسان مفرد- هو الذات.

* أما المثاليون الموضوعيون يرون أن العالم خلق من طرف وعي موضوعي أي خارج وعي الإنسان.

أما بالنسبة للشق الثاني من المسالة الأساسية:

فالماديون يؤكدون معرفة العالم ، وأن معارف الإنسان موثوقة وأن عقله قادر على معرفة جوهر الأشياء.

أما المثاليون فكثر منهم ينكر إمكانية معرفة العالم "اللأدريين" ، وبعضهم يؤمنون بإمكانية معرفة العالم لكنهم يشوهون صورة هذه المعرفة، حيث يؤكدون أن الإنسان لا يعرف العالم الموضوعي وإنما يعرف أفكاره.

* المادية هي وجهة نظر تقدمية، علمية تجاه العالم،وهي عدو للأفكار الغيبية.

* المثالية وجهة نظر تتعارض مع العلم وتعتبره غير واقعي و موهوم.

القائمة البريدية لموقع ماركسي: لتبقى دائما على اطلاع!


قام موقع ماركسي.كوم بإضافة خاصية القائمة البريدية ، انضم اليها الان لتبقى مطلعا على كل التحاليل الماركسية الصادرة في الموقع.

للإشتراك اضعط هنا: www.marxy.com

هنا فنزويلا: نضال سانيطاريوس ماراكاي يتصاعد!




يوني مورينو - venezuela.elmilitante.org
الثلاثاء: 13 فبراير 2007

تظاهر آلاف العمال يوم 8 فبراير في كاراكاس مطالبين بتأميم مصنع سانيطاريوس ماراكاي، شركة الاتصالات CANTV، شركة كاراكاس للكهرباء، مصنع الصلب Sidor وغيرها من المصانع.

لقد لاقت المسيرة نجاحا باهرا وبينت الإمكانيات الهائلة للطبقة العاملة الفنزويلية. آلاف العمال (حوالي 6000) اجتاحوا، بمزاج من الحماس والثقة، وسط مدينة كاراكاس مطالبين بتأميم سانيطاريوس ماراكاي ومؤيدين الدعوة إلى تأميم شركة CANTV، وشركة كاراكاس للكهرباء وOrinco. ليس هذا فقط، بل لقد التحق عمال العديد من المصانع الأخرى بالمسيرة في تحرك وضع الطبقة العاملة على رأس الحركة. لقد أبانت هذه المسيرة أيضا أن الوحدة في النضال لمختلف قطاعات الاتحاد الوطني للعمال، التي شهدت مواجهات خلال الأشهر القليلة الماضية، مسألة ممكنة.

دعا عمال سانيطاريوس ماراكاي وCCURA، بقيادة أورلاندو شيرينوس، إلى أن تبدأ المسيرة من منطقة كارابوبو الصناعية. وعلى بعد بضعة مئات من الأمتار في ساحة موريلوس، اجتمعت مجموعة أخرى من العمال من شركات الكهرباء وغيرها من النقابات، بدعوة من FBT ل(Fuerza Bolivariana de Trabajadores - قوة العمال البوليفارية)، التي تسمى الآن FsBT ل(Fuerza socialista Bolivariana de Trabajadores- قوة العمال الاشتراكية البوليفارية). في النهاية غادرت المسيرة ساحة موريلوس والتحقت بعمال سانيطاريوس ماراكاي وغيرهم من نقابات ولاية أراغوا بمنطقة كارابوبو الصناعية. وصلت المسيرة إلى الجمعية الوطنية بدون وقوع حوادث وفي جو احتفالي، حيث قدموا عريضة. ومن ثم اتجهت إلى مكتب نائب رئيس الجمهورية بميرافلوريس، الذي التقى ببعض ممثلي العمال الذين قدموا له مطالبهم. ومن بين ممثلي الاتحاد الوطني للعمال كان هناك أورلاندو شيرينو، خوسي مورا، خواكين أوسوريو، ستالين بيريز، روبين ليناريس، خوسي بوداس، خوسي ميلينديز.

ترأس عمال سانيطاريوس ماراكاي هذه المسيرة التاريخية، 800 عامل وعائلاتهم، والتحق بهم آلاف العمال من فروع الاتحاد الوطني للعمال بأراغوا، من قبيل مصنع نيستلي، ومصنع الجعة الجهوي، الخ. مطالبين بتأميم المصنع. رفعت خلال هذه المسيرة لافتات تطالب بتأميم مصنع Sidor، وAeropostal، وزين طريق المسيرة بملصقات، إضافة إلى مئات الملصقات التي حملها العمال في أيديهم. ويجب الإشارة إلى حضور عمال من FRETECO (الجبهة الثورية للمصانع المحتلة من طرف العمال). كان هناك عمال من مصانع محتلة من قبيل إينفيفال وإينفيطكس، والعمال المسرحون من مصنع إينفيبال ماراكاي. لم يتمكن عمال مصنع إينفيبال من الحضور بسبب مشاكل النقل.

المثال على موقف الحكومة البوليفارية من مسألة التأميمات هو حضور وزير العمل، خوسي رامون ريفيرو، في المسيرة. ريفيرو، المناضل النقابي السابق من غوايانا، دعم بشكل كامل الدعوة إلى تأميم هذه الشركات في مداخلة ألقاها في بداية المسيرة بساحة موريلوس، لقد أكد على دعمه للطبقة العاملة. « إني أنحدر من الحركة النقابية، وأنا هنا كوزير لهذه الثورة». في نفس الوقت شرح أن تشافيز يعلم بحضوره في المسيرة وأنه هو أيضا يقف إلى جانب العمال.

الطبقة العاملة تدخل المسرح

لقد أوضحت مسيرة يوم 8 فبراير هذه، السيرورة نفسها التي شهدها شهر أكتوبر ونوفمبر ودجنبر 2004 والثلاثة شهور الأولى من سنة 2005، لكن على مستوى أعلى، أي أن الطبقة العاملة دخلت مسرح الأحداث بطريقة منظمة على رأس الثورة.

تميزت الشهور الثلاثة الأخيرة من سنة 2004 بالآمال الكبيرة داخل الحركة الثورية بعد النصر الذي تحقق في الاستفتاء والنصر الذي تحقق إبان الانتخابات المحلية والتشريعية. آنذاك تبنت الحركة الثورية فكرة "الثورة داخل الثورة"، التي استشهد بها الرئيس تشافيز، وكذا فكرة "تعميق الثورة". وقد اندلع نضال عمال فينيبال في سياق عرفت خلاله الثورة انعطافة نحو اليسار. كان النضال ضد إغلاق مصنع الورق ومصادرته واحدا من المحاور الأساسية للحركة العمالية الفنزويلية طيلة تلك الأشهر. خلال شهر يناير 2005 أعلن الرئيس تشافيز مصادرة الشركة ووضعها تحت الرقابة العمالية. تلتها شركة CNV، شهر أبريل 2005 إضافة إلى سلسلة من الشركات التي تشكل جزءا مما يسمى نظام التسيير المشترك الثوري.

خلال شهر يناير 2005، وفي أوج نضال عمال فينيبال، بدأ الرئيس تشافيز يتحدث عن الاشتراكية وكونها الطريق الوحيد للتقدم أمام الثورة البوليفارية ضد الرأسمالية. وفي نفس الوقت دفعت عمليات المصادرة والنقاش حول الاشتراكية الحركة إلى الأمام، موجهة بالآمال التي تعممت.

تم تتويج كل هذا بالمسيرة الحاشدة التي شهدها الفاتح من ماي 2005، حيث كانت المصادرة والرقابة العمالية مسألة مركزية في تعبئة عشرات الآلاف من العمال في شوارع كاراكاس.

والآن في فبراير 2007، نرى نفس الظاهرة لكن على مستوى أعلى. لقد غذى الانتصار الانتخابي، في الثالث من دجنبر، آمالا عظيمة بين صفوف الحركة الثورية، وفي نفس الوقت أدت مقترحات تشافيز (التأميمات، تشكيل الحزب الاشتراكي الموحد، قانون التفويض، الخ) خلال الأسابيع القليلة الماضية إلى تقوية هذه الآمال أكثر فأكثر. هناك نضال عمال سانيطاريوس ماراكاي الذي توج باحتلال المصنع يوم 14 نوفمبر، وتطبيق نظام الرقابة العمالية والبدء في عملية الإنتاج. لهذا النضال، كما تبين ذلك خلال مسيرة الثامن من فبراير، تأثير هائل على الحركة العمالية الفنزويلية. النضال الدائر في سانيطاريوس ماراكاي يمكن تشبيهه بالنضال الذي عرفه مصنع فينيبال سنة 2004، لكن على مستوى أعلى. ففي فينيبال لم يقم العمال بالبدء في الإنتاج قبل مصادرة المصنع. لم يكن لديهم مستوى التنظيم ولا فرصة الاستعداد السياسي لاحتلال المصنع، الذي يمتلكه عمال سانيطاريوس ماراكاي. إضافة إلى ذلك، يدور نضال سانيطاريوس ماراكاي في قلب أهم منطقة صناعية في البلاد: أراغوا- كارابوبو.

بهذا المعنى، كما أدى دفاع تشافيز سنة 2005 عن الاشتراكية ومصادرة فينيبال وCNV، إلى تجذير الحركة العمالية، فإن تأميم CANTV وشركة كهرباء كاراكاس وOrinoco والسير نحو الاشتراكية وتشكيل الحزب الاشتراكي الموحد هي الإجراءات التي تؤدي اليوم إلى تجذير حركتهم. إن التيار الماركسي الثوري [الفرع الفنزويلي للتيار الماركسي الأممي] يرحب بهذه الإجراءات، الجد إيجابية للطبقة العاملة في فنزويلا وأمميا، باعتبارها خطوة عظيمة إلى الأمام. بعد حوالي عقدين من الخصخصة والهجوم البورجوازي ضد العمال عالميا، تشكل هذه التأميمات في فنزويلا مرحلة جديدة في فنزويلا وأمريكا اللاتينية والعالم.

لكن لا يجب أن ينظر إلى هذه الإجراءات التي يقوم بها تشافيز إلا كبداية. يجب على الحكومة البوليفارية أن تعمم التأميمات على باقي قطاعات الاقتصاد، على القطاعات الصناعية الأساسية من أجل تخطيط الاقتصاد بطريقة ديموقراطية وتلبية حاجيات الجماهير في مواجهة الفوضى وعمليات التخريب التي ينظمها الرأسماليون. إن اشتراك الطبقة العاملة مسألة جوهرية إذا ما أريد لهذا أن يتحقق. الطبقة العاملة هي الطبقة الوحيدة بين الجماهير، بتحالف مع مجالس الأحياء، والفلاحين والفقراء، القادرة على التسيير الديموقراطي لاقتصاد مؤمم مخطط. لا يمكن للتسيير البيروقراطي للاقتصاد الاشتراكي أن يؤدي سوى إلى الكارثة، كما كان الحال عليه في الاتحاد السوفياتي مع الانحطاط البيروقراطي للثورة بعد موت لينين، وهو ما أكد عليه تشافيز أيضا.

مسألة الدولة

يجب أن يكون من بين أهم مهمات الثورة البوليفارية حل مسألة الدولة والبيروقراطية. إن جهاز الدولة الحالي هو جهاز دولة بورجوازية، لكنها دولة بورجوازية لها خصوصيتها، باعتبار أن البورجوازية فقدت السيطرة المباشرة على دولتها. لكنها لا تزال دولة بورجوازية باعتبار كونها دولة خلقت لإعادة إنتاج الانقسام الطبقي وتأبيده ولخدمة الطبقة السائدة، أي الأوليغارشية الرأسمالية التي تسيطر على الإنتاج والقطاع البنكي في البلاد. إن الدولة جهاز تشكل لكي يحافظ على الانقسام الطبقي في المجتمع.

سوف يواجه الرئيس تشافيز صعوبتين اثنتين أثناء تطبيقه لهذه الإجراءات في صالح الشعب. أولا: الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، الزراعة والنسيج ومواد الاستهلاك الأساسية، الخ. والدولة البورجوازية الموروثة عن الجمهورية الرابعة. في هذا الاتجاه يعتبر تمرير قانون التفويض مؤخرا في الجمعية الوطنية والذي يمكن تشافيز من السلطات القانونية لتطبيق قوانين عبر المراسيم في العديد من المجالات، محاولة من جانب تشافيز للتغلب على بطأ ولا فعالية جهاز الدولة في تطبيق وتطوير الإجراءات المطلوبة لتقدم الثورة. إن الدولة البورجوازية في فنزويلا عائق موروث من الماضي يهدد حاضر ومستقبل الثورة.

إلا أن رجلا واحدا غير قادر على إيصال الثورة إلى الاشتراكية على أساس النوايا الطيبة والعديد من القوانين التي يصدرها. يجب أن تتم تعبئة الطبقة العاملة.إن التحرك الواعي للبروليتاريا مسألة مطلوبة من أجل أن تضع نفسها على رأس الثورة ولكي تتمكن من تنظيم المجتمع على أسس جديدة. إذا لم يحدث هذا، سيصبح من الممكن وأد أية إجراءات تقدمية تتخذها الثورة. والمثال الواضح على هذا هو تطور مسلسل المصادرات والتسيير المشترك سنة 2005 و2006.

بسبب أن قيادة الاتحاد الوطني للعمال لم تقم بالاستجابة لدعوة الحكومة باحتلال المصانع، التي دعا إليها تشافيز شهر يوليوز 2005 (ثم دعت إليها ماريا كريستينا إيغليسياس، وزيرة الصناعة الخفيفة والتجارة) أثناء تجمع أمريكا اللاتينية للمصانع المحتلة من طرف العمال، بقيت الحركة نحو المصادرة والرقابة العمالية معزولة كليا. ونتيجة لذلك، قامت بيروقراطية الدولة، المرتبطة، كما قال لينين، بآلاف الروابط، المرئية والغير مرئية، بالبورجوازية، بتحويل كل السيرورة إلى نقيضها. لقد اندلعت في إنفيبال سلسلة من المواجهات بين بيروقراطية الدولة والعمال، التي أدت إلى تدخل الحكومة وإنهاء الرقابة العمالية نهاية سنة 2006. وهكذا فإنه في نهاية 2006 كانت الشركة الوحيدة المصادرة في فنزويلا التي تنتج تحت الرقابة العمالية هي إينفيفال، وكان هذا بفضل المجهودات الهائلة والصبر من جانب العمال الذين عانوا من تأخير طال أكثر من عام قبل أن يتم تأميمها. في المصانع الأخرى، شلت آلاف العراقيل البيروقراطية تشغيلها أو شلت تطبيق الرقابة العمالية، أو شلتهما كليهما. بيروقراطية الدولة الموروثة من الجمهورية الرابعة مسؤولة عن هذه الحالة مثلها مثل البيروقراطية التي نشأت في ظل الجمهورية الخامسة. مقترحات المصادرات والتسيير المشترك التي طرحها تشافيز تم تمييعها وتصفيتها داخل جهاز الدولة الذي يحاول تغيير اتجاهها.

من الممكن إعادة توحيد الاتحاد الوطني للعمال على أساس نضال موحد تخوضه الطبقة العاملة من أجل مصادرة أملاك الرأسماليين. ليس سانيطاريوس ماراكاي واحد بل المئات منه والآلاف!

ستجد الثورة الفنزويلية سنة 2007 فرصة رائعة يمكن خلالها لقادة مختلف تيارات الاتحاد الوطني للعمال أن تتعلم الدروس من الأخطاء التي ارتكبت خلال السنوات القليلة الماضية، وحيث سيمكنهم أن يجذروا إمكانيات الطبقة العاملة الثورية للسير نحو الثورة الاشتراكية، أي نحو مصادرة الرأسماليين وتفكيك الدولة البورجوازية وإقامة دولة ثورية ستكون الطبقة العاملة على رأسها. إن المهمة المركزية للاتحاد الوطني للعمال في وقتنا الحالي هي تعميم عملية احتلال المصانع تحت الرقابة العمالية. مرة أخرى نقول: إن الحاجة ليس إلى نضال سانيطاريوس ماراكاي واحد، بل إلى مئات وآلاف النضالات من ذلك القبيل. كما تبين خلال مسيرة 8 فبراير، للطبقة العاملة المزاج والرغبة والإرادة للقيام بذلك. يصدق هذا على الحكومة البوليفارية أيضا، التي أرسلت وزير العمل للمشاركة في المسيرة، بموافقة الرئيس تشافيز. أي بلد آخر في العالم ترسل فيه الحكومة وزيرا منها لدعم مسيرة من أجل تأميم الشركات؟ لا يفتقد العمال الفنزويليون للرغبة أو الشجاعة، بل فقط إلى خطة عمل للمصادرات الثورية للرأسماليين من تحت.

في المقام الأول، يجب على عمال CANTV وSIDOR وAeropostal وغيرها من المصانع التي تخوض النضال أو تطالب بالتأميم، سيرا على خطى سانيطاريوس ماراكاي، ألا ينتظروا قيام الحكومة بتأميم الشركات، بل يجب عليهم بالأحرى أن ينتخبوا مجالس معامل لممارسة الرقابة على الإنتاج، كخطوة أولى نحو التسيير العمالي للمصانع.

يجب أن يتم تشكيل مجالس المصانع في جميع الشركات العمومية والخاصة لكي يتمكن العمال من ممارسة الرقابة على الإنتاج. يجب على الاتحاد الوطني للعمال أن يطلق حملة وطنية لتعميم المجالس العمالية إلى جميع الشركات في البلاد، لا سواء منها المؤممة أو الخاصة، من أجل فرض الرقابة العمالية على الإنتاج. بالنظر إلى دور مجالس المصانع، هناك قطاعات داخل الاتحاد الوطني للعمال تخشى تعميم مجالس المصانع. إنهم مخطئون بقولهم أن المجالس ستضعف المنظمة النقابية العمالية وتضعف الاتحاد الوطني نفسه. يجب علينا أن نسأل هؤلاء الرفاق سؤالا: ألم يؤدي مجلس المصنع المنتخب في سانيطاريوس ماراكاي من طرف الجمع العام العمالي إلى تقوية النقابة؟ بالتأكيد أدى إلى ذلك. ليس هناك أي تناقض بين النقابة وبين مجلس المصنع، بل هما يكملان بعضهما الآخر، كما تبين ذلك بوضوح تجربة سانيطاريوس ماراكاي.

النقاش حول الانتخابات أدى إلى شل الحركة العمالية

لقد بين يوم 8 فبراير أنه من الممكن توحيد الاتحاد الوطني للعمال. حيث سار الجناحان المتصارعان، CCURA وFBT، معا في شوارع كاراكاس من أجل تأميم سانيطاريوس ماراكاي وCANTV، وشركة كهرباء كاراكاس وSidor وغيرها من الشركات. لقد أكد التيار الماركسي الثوري أن وحدة الاتحاد الوطني للعمال ممكنة فقط على قاعدة الوحدة النضالية، في الممارسة. يجب علينا السير في هذا الاتجاه.

من أجل يوم وطني لاحتلال المصانع!

يجب على الاتحاد الوطني للعمال أن ينظم عمليات الاستيلاء على المصانع واحتلالها في كل فنزويلا. يمكن أن يصير هذا ملموسا بيوم وطني لاحتلال المصانع. للقيام بهذا من الضروري التحضير له مسبقا بمؤتمر استثنائي للاتحاد الوطني للعمال لنقاش الاشتراكية ونقاش احتلال المصانع والرقابة العمالية، تشارك فيه جميع قطاعات النقابة وتنظم النضال. في نفس الوقت يجب على هذا المؤتمر أن ينتخب جهازا تنسيقيا مؤقتا للنضال، سيعمل على تنظيم هذا اليوم الوطني لاحتلال المصانع. على هذا الأساس سيصبح من الممكن توحيد الاتحاد الوطني للعمال. إذا تم هذا، خلال أشهر قليلة ستنضج الظروف لتنظيم انتخابات في الاتحاد الوطني للعمال، لكن هذه المرة على أساس قيادة ستنال الحق في القيادة في مجرى النضال، قيادة معترف بها من طرف العمال، وعلى أساس تقدم عظيم للطبقة العاملة الفنزويلية في اتجاه الاشتراكية.

كل هذا رهين بقيادة الاتحاد الوطني للعمال. إن القدرة على عدم تكرار أخطاء 2005 و2006 موجودة بين أيدي الاتحاد الوطني للعمال. للاتحاد الوطني للعمال القدرة على جعل سنة 2007، سنة الثورة الاشتراكية في فنزويلا مع وصول الطبقة العاملة إلى قيادة الثورة. إذا ما تحقق هذا، ستكون مسيرة الثامن من فبراير قد شكلت بداية سنة تاريخية.

المصدر: www.marxy.com

هنا مصر: إضراب 11700 عامل عن العمل نهائيا




قام العمال في شركة مصر للغزل و النسيج بكفر الدوار بالتوقف عن العمل نهائيا ، مع العلم أن عدد العمال هو 11700. وقام العمال بمصانع الشركة برفض المغادة ليلا و اعتصموا بالمعمل، و التحقت بهم "وردية" الصباح ، فابتدأ الاضراب عند الساعة 6، ليستمر حتى شمل "الوردية الثالثة" و "وردية" الصيانة.

وتتلخص مطالب العمال كالتالي:



1.سحب الثقة من اللجنة النقابية ومجلس الإدارة ومحاسبة إدارة الشركة الفاسدة التي أوصلت ديون الشركة إلي 3 مليار جنيه رغم ارتفاع أسعار بيع الخيوط وثبات الأجور وحرمانهم من الأرباح وإحالتهم للمحاكمة.
2.صرف فورا 45 يوم أرباح أسوة بعمال المحلة.
3.زيادة الحافز الشهري وتقريب الفارق بين الحد الأدنى ( 17جنيه ـ 90 جنيه).
4.طرد المستشارين الذين يعملون بعد خروجهم على المعاش مقابل مكافأة شهرية 1200 جنيه.
5.حق العمال في الترقيات التي توقفت منذ عام 1995 والتي حركها إضراب 1994.
6.زيادة نسبتهم في سعر بيع الخيوط التي زاد سعر بيعها للمستهلك.
7.تحسين أوضاع القسم الطبي وتوفير سائل مواصلات أدمية بعد أن تهالك أتوبيسات الشركة.

لا توجد حرية للإعلام بفنزويلا، هكذا تدعي المعارض!

إن الأوليغارشية الفنزويلية أنصار الثورة المضادة، و الذين قاموا بالانقلاب الفاشل في "أبريل 2002" ، و بعد الضربة الموجعة التي تلقوها على يد الجماهير الكادحة خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة و التي فاز بها تشافيز بنسبة تفوق 62% . لا يتركون مكانا إلا وتحدثوا فيه عن " عدم وجود حرية للإعلام" في فنزويلا. لكن يمكننا أن نلاحظ العكس بكل سهولة، ففي الصفحة الرئيسية لجريدة المعارضة "TalCual"التي قارنت بين تشافيز و هيتلر، كان المحرر سوف يتعرض للمحاكمة لو نشر ذلك في أغلب الدول الديموقراطية الغربية. لكن في فنزويلا لهم كامل الحرية للنشر.
لنرى هذه الصورة:

TalCual يديره "تيودورو بيتكوف"، و هو المكلف بالخوصصة في حكومة "كالديرا" و أحد مستشاري مرشح المعارضة "مانويل روزاليس" خلال الانتخابات الرئاسية ل 3دجنبر2006.


في نفس الجريدة، يوم 26 دجنبر 2003، نشرت صورة على صفحاتها تظهر تشافيز يحمل مسدس عيار 9 ملم في تجمع جماهيري. لكن المشكل الصغير أن تشافيز خلال هذا التجمع الجماهيري لم يكن يحمل سوى وردة، و الصورة التي نشروها كانت مجرد خدعة.

وكذلك الصور التالية على هذا الرابط:

وهذه:

بلاد الباسك: اعتداء فاشستي على المناضلين الماركسيين في فيتوريا

في اسبانيا، يقوم حزب الشعب الرجعي (الحزب اليميني الرئيسي، في المعارضة)، بحملاته ضد الحقوق الديموقراطية الأساسية، و يغذي نشاط المجموعات الفاشية في كل البلاد وتكون محمية من العقاب. هناك كل سنة ما يقارب 4000 اعتداء فاشستي.


منذ شهر أكتوبر الماضي، في "فتوريا- كاستيس"، في بلاد الباسك، مناضلين ماركسيين عاشوا تجارب مريرة. مراكز مؤسسة فريديريكو انجلس (www.engels.org) و نقابة الطلاب(www.sindicatodeestudiante.org)، كانوا ضحية لرموز أقصى اليمين( الصليب المعقوف، كتابات تنسب تفجيرات مدريد ل"إيتا"(ETA)، الخ.) ومواد مهينة، و ردا على ذلك، قرر المناضلون المحليون إنشاء عريضة تضم عدة منظمات نقابية، طلابية، سياسية و اجتماعية لمواجهة هذه الحملة من التهديد من طرف النازيين الجدد.


والغريب أن أحد المسيرين المحليين لهؤلاء الفاشيين هو ذاته على رأس شركة الحراسة التي تحمي مركز " UGT"- الفدرالية النقابة القوية – في فيتوريا! .و أحد مطالب هذه العريضة [ضد الفاشية] تدعوا القيادة الوطنية ل "UGT" إلى التخلص الفوري من هذا الفرد. لكن، رغم ذلك الطلبات المتكررة و إرسال الفاكس من كل أنحاء البلد، لكن لا جديد يذكر.


الحادث الأخطر هو الذي حدث يوم 12 دجنبر ، أمام المقر "UGT" لفيتوريا. إذ تم الاعتداء جسديا على مناضلين من طرف فاشي تعقبهما بسيارة 4x4، حيث كانا يلصقان إعلانات لاجتماع معاد للفاشية، كان مرتقبا بعد يومين. وعندما حاول المناضلان الاحتماء بمقر النقابة، قام الحارس- المذكور سابقا- بمنعهم من ذلك، وانضم أيضا للاعتداء!!


يومين بعد ذلك، 200 شخص اجتمعوا لإدانة هذه الاعتداءات. المنظمون شرحوا أن أفضل وسيلة لمحاربة الفاشيين هو العمل الجماعي، أي إنشاء لجنة عمالية للدفاع الذاتي و الدعوة إلى مظاهرة كبيرة، بمساهمة مكثفة للشباب و العمال من كل المدينة.



الاعتداءات الفاشية: على مقر مؤسسة فريديرك انجلس و "حملة ارفعوا أيديكم عن فنزويلا" و نقابة الطلاب الاسبان


التضامن مع الثورة في فنزويلا



إن شعب فنزويلا، بعماله وفلاحيه وفقرائه، في حاجة إلى تضامننا. فبعد أن ضجروا من عقود من الحكومات الفاسدة وسياسات التقشف المفروضة عليهم من طرف صندوق النقد الدولي، توجه ملايين الأشخاص نحو هوغو تشافيز ونصبوه رئيسا سنة 1998. إن هذا كان بداية تحول اجتماعي جماهيري.

إن أهداف "ثورة الفقراء"، التي فجرها تشافيز، هي الإصلاح الزراعي والرقابة على البترول، التعليم والصحة للجميع ونظام ديموقراطي حقيقي تكون السلطة فيه في يد الشعب.

بفضل هذه الإصلاحات، التي تم تمويلها بمداخيل قطاع النفط المؤمم، تحقق ما يلي:

  • تم إدماج مليون طفل جديد في النظام التعليمي، بناء 675 مدرسة جديدة وتوظيف 36.000 معلم جديد. ميزانية التعليم تضاعفت خلال سنتين وتم بناء أربعة جامعات منذ 1998 ويساهم ثلاثة ملايين شخص في برامج التعليم ومحاربة الأمية.

  • تم توزيع 2,2 مليون هكتار من الأراضي الزراعية على 116.000 أسرة منظمة في تعاونيات.

  • برامج الصحة استفاد منها 17 مليون فينزويلي. ويشتغل اليوم في فنزويلا 13.000 طبيب كوبي ويعالجون 1,2 مليون شخص لم يسبق لهم أن عولجوا في حياتهم من قبل.

  • دستور بوليفاري جديد يضمن تأميم قطاع النفط وتوزيع الأرباح على جميع المواطنين.

هذه هي بعض الإجراءات التي تفسر لنا السر في الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها هوغو تشافيز. ففي ستة سنوات فاز في عشرة انتخابات! وقد ارتفع معدل شعبيته اليوم إلى 70%.

إن إصلاحاته استثارت عليه لعنات الأوليغارشية المحلية، لعنات الأغنياء والملاكين العقاريين وكذلك لعنات حكومة بوش في الولايات المتحدة. إن توفر احتياطي هائل من البترول لم يمر دون أن تلاحظه واشنطن. الأوليغارشية والإمبريالية الأمريكية لم يتأخرا في خلق الاضطرابات ومحاولة قلب حكومة تشافيز.

فبعد أن أدانوه باعتباره دكتاتورا جديدا، عملوا على دعم وتنظيم انقلاب يميني متطرف في 2 أبريل 2002. لقد كان الأمر تكرارا للانقلاب العسكري، الذي أطاح، بمساعدة CIA، بحكومة الاشتراكي سلفادور آلييندي في التشيلي سنة 1973.

خلال انقلاب أبريل تم اختطاف تشافيز وعوض بزعيم أرباب العمل، كارمونا، كرئيس جديد. وبسرعة فائقة اعترفت الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي بـ"الرئيس الجديد". وأول ما قرره كارمونا "الديموقراطي العظيم" هو إغلاق البرلمان! لكن الانقلاب فشل بفضل تحرك جماهيري غير مسبوق في تاريخ الشعب الفينزويلي.

خلال 48 ساعة فقط، تمكنت الجماهير من وضع حد لانقلاب الضباط الكبار والباطرونا ووسائل الإعلام الخاصة ورجال الدين والمخابرات الأمريكية. إن هذا حدث غير مسبوق!

لكن ورغم ذلك، استمرت حكومة تشافيز في التعرض للتخريب الاقتصادي من طرف أرباب ومديري العمل الذين نظموا عمليات هروب الرساميل، إغلاق المعامل وتخفيض معدلات الإنتاج. فمن ديسمبر 2002 إلى يناير 2003 تعرضت الحكومة لحملة إغلاقات (إضراب أرباب ومديري العمل)، كان هدفها ضرب استقرار البلد وتحضير الشروط لانقلاب جديد. كما بدأت الحكومة اليمينية الكولومبية، مدعومة من طرف القوات الأمريكية، في ممارسة الضغط على فنزويلا.

لكن مرة أخرى تدخل العمال والجماهير الشعبية وسيطروا على الصناعة البترولية خصوصا. وفيما بعد حاولت المعارضة، الممولة من طرف الولايات المتحدة، مرة أخرى، قلب تشافيز عبر استفتاء (يعطي الدستور الحق في أن يتم إخضاع كل مسؤول سياسي لاستفتاء شعبي بعد مرور نصف مدة ولايته). وقد ربح تشافيز هذا الاستفتاء بـ 60%. ومنذ تلك اللحظة دعا تشافيز إلى القيام "بالثورة في الثورة" بهدف إلغاء كل العراقيل التي تقف، داخل جهاز الدولة، في وجه التغييرات الاجتماعية.

إن إعادة انتخاب بوش خلال السنة الماضية، يحمل مخاطر جديدة لفنزويلا، التي صارت العدو رقم 2 بالنسبة للولايات المتحدة بعد كوبا التي هي رقم 1!

منذ بداية السنة بدأ تشافيز، هو أيضا، في الدفاع بشكل علني وواضح عن الاشتراكية باعتبارها البديل الوحيد بالنسبة للجماهير. «إن الرأسمالية لا يمكنها أن تقضي على اللامساواة والفقر وبؤس الجماهير، إن الرأسمالية فشلت، فإلى الأمام إذن نحو الاشتراكية. »

إن حملة «ارفعوا أيديكم عن فنزويلا» حملة دولية واسعة تساندها العديد من النقابات ومنظمات اليسار والمناضلين الاشتراكيين والشيوعيين. إن هدف الحملة هو تحسيس الحركة العمالية والشباب بما يحدث في فنزويلا. إن هدفنا الرئيسي هو دعم مسلسل الرقي الاجتماعي والثورة في فنزويلا ضد الاعتداءات الأجنبية (الإمبريالية الأمريكية) والداخلية (الأوليغارشية والطبقة الرأسمالية).

إن نشاطنا يتركز في نشر المعلومات والتحاليل حول فنزويلا. ونحن ننظم بشكل خاص الدعم للحركة العمالية الثورية ولمبادرات جماهير الفقراء.

إن الثورة البوليفارية في فنزويلا تمثل أملا عظيما للجماهير الفقيرة في كل أمريكا اللاتينية. وهذا مهم، بشكل خاص، حتى بالنسبة للعالم العربي حيث تعيش الجماهير الفقيرة تحت نير الإمبريالية ودكتاتورية الأنظمة البرجوازية الموالية للإمبريالية.

للمزيد من المعلومات حول فنزويلا اقرؤوا: المقالات الصادرة في: www.marxy.com وغيرها على موقع: www.handsoffvenezuela.org و www.elmilitante.org و www.aporrea.org